الرئيسية » » لنَ أرميكَ بحجرٍ يا الله | وداد نبي

لنَ أرميكَ بحجرٍ يا الله | وداد نبي

Written By هشام الصباحي on الثلاثاء، 23 يونيو 2015 | 1:58 م

لنَ أرميكَ بحجرٍ يا الله
امرأةٌ صغيرةٌ أنا 
ضئيلةُ الحجمِ كنساءِ أسيا
يمكنُ أن أختبئَ بكف ِعاشقٍ
بخزانةٍ من خزائنِ المطبخِ
أو تحتَ 160 سم من الترابِ بأرضِ بلادِي
امرأةٌ صغيرةٌ أنا
أقلُ وزناً من غيمةٍ صغيرةٍ من غيومكَ
بعينٍ أَكنسُ الحزنَ من وجوهِ ضيوفِي
وعينٍ أذرفُ البكاءَ الليليّ قهراً على بلاد ٍتفترسُها الحربُ
بيديَّ اللتينِ تفوحُ منهما رائحةُ الكلور والقصائد
غيّرتُ وجهَ الحياةِ حولي
أزلتُ الوهمَ وذئابَ الحُبِّ من دربِي الوعر
بنيْتُ بكلِّ مكانٍ مررْتُ بهِ
عشاً لطائرٍ مُهاجر
وقبراً صغيراً يتسعُ لعاشقين ِلا مكانَ لهما
لنَ أرميكَ بحجرٍ يا اللّه
امرأةٌ صغيرةٌ
أعوي بغاباتِ البلادِ التي لا أحدَ لها
أنهشُ بقايا جثثٍ الذكرياتِ القديمةِ نهايةَ كلِّ ليلةٍ
وأشربُ دمَ الغائبينَ بنهم ٍ وأنامُ بحسرة
لأنّني تخليتُ عن حبّي
ككلبٍ عجوز ٍ
لبائعاتِ الهوى بشوارع كوبنهاغن
لأتزوجَ كلباً من كلاب بلادي
امرأةٌ صغيرةٌ
كحبةِ رز ٍّ بصحنِ طعامٍ أمامَ رجلٍ ضخمٍ
أطبخُ العشاءَ كلَّ ليلةٍ
لزوجِي الذي تفوحُ منهُ رائحةُ الطحالبِ البحريّةِ والشحومِ
وأحمّمُ أطفالِي الأربعةَ وأقودُهم لأسرتِهم
كما تقودُ الأمُّ الصالحةُ خرافَها الصغيرةَ
لا أُقصرُ بفروضِي
أصلي ..أصومُ ..أُعطي الزكاةَ
\ولا أردُّ مُتسولاً عن بابي
وأمنحُ خبزَ بيتي لطيورِكَ التائهةِ
أطيلُ الإصغاءَ لشكوى الجاراتِ البائساتِ
عن أسعار ِالخبز ِالمرتفعةِ ببلادٍ تطحنُها الحربُ
أنامُ بهدوءِ المقبرةِ مُصغيةً لشخيرِ زوجي الليليِّ
وأبتسمُ لهذا الألمِ الذي تملأُ بهِ حياتي
لهذه القسوةِ التي رميتَها بوجهي
ورغمَها يا اللّهُ
لنَ أرميكَ بحجرٍ
كما فعلتَ وتفعلُ دائماً بحياتي
لكنْ إذا حدثَ ووقعتُ في الحُبِّ ثانيةً
سألتقطُ نجمةً من جبينِ حبيبي
وأرميكَ بها بحنانٍ
كما لو كنتَ طفلاً من أطفالِي الأربعة.
وداد نبي :كاتبة وشاعرة سورية

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.